مسلسل وعد وخطورة المحتوى الدرامي
“وعد” وخطورة المحتوى الدرامي
حفلت الدراما الرمضانية لهذا العام بمواضيع تثير دهشة الحجارة بما تعكسه من حالات هجينة على المجتمع العربي. يميل محتواها الى القيمة الترفيهية مغترباَ عن المعتاد من تبطين الدراما برتوش التعليم والتثقيف أوالإرشاد الذي يحتاجه أي مجتمع، أو ما يسمى في المجال الإعلامي بالإنفوتينمينت.
من ضمن ما أنتجته وحدة O3 التابعة لمجموعة إم بي سي مصر، مسلسل “وعد” الذي يحكي قصص “سوء اختيار” شريك لعدد من النساء. تلعب فيه دور البطلة الأولى “مي عزالدين”. وهي شابة جميلة متزوجة من طبيب مشهور كامل الأوصاف. تقع في حب شخص قابلته أثناء رحلتها السياحية الى تايوان بمفردها لأن زوجها انشغل عنها بالمستشفى الذي يديره ولم يتمكن من مرافقتها. والثانية طبيبة متزوجة وأم لصبي، تحصل على الطلاق وتلاحق بإصرار زميلها الطبيب المتزوج بشكل أقرب ما يكون إلى ما يطلق عليه تعبير تلقيحة في العامية المصرية. أي.. لزقة من النوع الذي لا يفارق الجلد لا بإقامة حلقة زار ولا حتى بالطبل البلدي.
يلعب دور البطولة الذكورية أحمد السعدني، الشاب الذي يلاحق “وعد”، المرأة المتزوجة. ورغم أن شخصيته رسمت كزير نساء اعتاد الشرب والسهر والتنقل بين علاقة وأخرى، يسافر من تايلندا الى مصر باحثاً عنها دون جميع نساء الأرض، ويدخل بيتها ويكذب على شقيقها وزوجها ويغازلها ويخطب أخت زوجها ليكون قريبا منها ليثبت لها بأنها تحبه وأنها أساءت الاختيار بزواجها من الطبيب. نسجت شخصيته بطريقة تبرر جرأته في تخطي حدوده، على أساس أنه معلم في مجال مغازلة النساء ولم تلد امرأة مثله منذ اختراع أكبر مقاس للثقة بالنفس.
بشكل عام محتوى المسلسل يعبث بأصابع أذاه الخفيه ويتسلل بمكر إلى المشاهد عبر الحلقات لتبرير خيانة المرأة لزوجها في أفكارها. وخيانة الشاب اللعوب للطبيب الذي أدخله بيته وأئتمنه على شقيقته وزوجته بعد أن تسلل إلى حياة هذه العائلة بعد أن عرض علاقة عمل مع الزوج النائم على ودانه أوبالأحرى على أعضاء حواسه الخمس المعطّلة.
يسحبك السيناريو من شوشتك الى زاوية ترى من خلالها أن الطبيب الذي لا ينقصه أي عنصر جذب لا في أخلاقه ولا عمله ولا مظهره ولا عمق جيبه، عُرضة لفقدان زوجته التي تفكر بغيره لأن الزوج منشغل بعمله أو لأنه لا يسافر معها ولا يحب الذهاب الى الحفلات الصاخبة التي تحبها ولا يعرف فنون المغازلات الشقية التي يقوم بها الشخص الآخر. بينما هذه الزوجة الشابة تقيم في بيت العازب الذي لا تعرف عنه شيئاً في تايلندا لأن هناك خطأ في حجز الفندق، ولا تخبره بأنها متزوجة، وبعد عودتها من رحلتها لا تخبر زوجها بأنها كانت مقيمة في بيت رجل غريب، بل وتكذب على زوجها بالقول بأنها مرضت وكانت تعاني حالة تسمم لذلك بقيت في مشفى طيلة فترة سفرها. ومع كل هذا يوحي السيناريو بأنها امرأة تمام وتقاوم باقتدار الجذب المغناطيسي لإغراءات الشاب التي تفوق رجولته قوة الجاذبية الأرضية.
هل اختيار هذه النماذج، خصوصا للعرض كدراما رمضانية، دليل على أنيميا حادة في مجال كتابة الدراما العربية، أم أنها أداة استفزاز لرأي المجتمع أم إشارة الى مجتمع مزدوج المعايير يتمثل في شخص العاشق الأُلعبان الذي يشرب الخمر وفي ذات الوقت يفتح يداه ويقرأ الفاتحة يوم خطوبته. هل هي عملية تسميم بطيئة يتم من خلالها حقن المجتمع بجرعات لتقبّل الخيانة وتبرير الكذب على الزوج حتى تصبح هذه التصرفات مقبولة بعد أن ينخفض مستوى المناعة الأخلاقيه لدى المشاهد الذي يتم تدجينه وترويضه تدريجياً للترحيب بفكرة تضحية المرأة بكل شيء يحقق الاستقرار الأسري مقابل حصولها على جرعة من الرومانسية المفبركة على غرار المسلسلات التركية أم أن الجوع العاطفي للمرأة العربية بؤرة لم يتم الكشف عنها درامياً بعد.
قد تكون القضية التي عرضها المسلسل غاية في الأهمية، لكن طريقة إيصال الرسالة خطرة، مخضّلة بالسقطات وبحاجة لعكّاز المنطق.
إقبال التميمي- مديرة مركز المرأة العربية لمراقبة وسائط الإعلام في بريطانيا